للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- كلاهما لا يألو عن الخير، أحدُهما يعجِّل المغرب والإفطار، والآخرُ يؤخر المغربَ والإفطار، فقالت: مَنْ يعجِّلُ المغربَ والإفطار؟ قال: عبد اللَّه، فقالت: هكذا كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصنع (١).

عبد اللَّه هو ابن مسعود، والرجل الآخر هو أَبو موسى الأشعري -رضي اللَّه عنهما-.

وفي هذا الحديث: ردٌّ على الشيعة الذين يؤخرون الفطور إلى ظهور النجوم (٢).

ومعتمد مذهبنا: كراهةُ الوصال، لا تأخير الفطور إلى السحر، ولا يلزم من كون الشيء مستحبًا أن يكون نقيضُه مكروهًا مطلقًا (٣)، وخرج بقولنا: تحقق الغروب: ما إذا ظنه، فلا يُسن له تعجيلُ الفطر، وأمّا إذا شك هل غربت الشمس أو لا؟ فيحرم الفطر به (٤).

نعم، له الفطر بالظن اتفاقًا؛ لأن الناس أفطروا على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم طلعت الشمس، وكذا أفطر عمر -رضي اللَّه عنه-، والناس في عهده كذلك، ولأن ما عليه أمارة يدخله التحري، ويقبل فيه قول واحد؛ كالوقت والقِبلة، وكان عمر وعثمان -رضي اللَّه عنهما- لا يفطران حتى يصليا المغرب (٥).

ويُسن أن يُفطر على الرُّطَب، فإن لم يجد، فعلى التمر، فإن لم يجد،


(١) رواه مسلم (١٠٩٩)، كتاب: الصيام، باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه.
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢٣٢).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ١٩٩).
(٤) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣٩٣).
(٥) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>