للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الصواب قولُ من جعله تركًا للأَوْلى، أو كرهَه، وفصَّل بعضهم بأنه إن خاف ضررًا، أو فواتَ حق، إن كان الحقُّ الذي يفوت به واجبًا، حَرُم، وإن كان مندوبًا أولى من الصيام، كُرِه، وإن كان يقوم مقامه، فلا كراهة، وحيث جاز بلا كراهة، فصومُ يومٍ وفطرُ يومٍ أفضلُ منه؛ خلافًا لطائفة من الفقهاء والعباد، ذكره شيخ الإسلام (١)، وهو ظاهرُ حال من سرده، ومنهم أَبو بكر النجَّاد أحد أعلام علمائنا؛ حملًا لخبر عبد اللَّه بن عمرو عليه، وعلى من في معناه؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يرشد حمزةَ بنَ عمرو إلى يوم ويوم.

قال الإمام أحمد: ويعجبني أن يفطر منه أيامًا؛ يعني: أنه أولى؛ للخروج من الخلاف، وجزم به جماعة، وقاله إسحاق، وليس المراد كراهة، فلا تعارض، واللَّه أعلم (٢).

قال عبد اللَّه بن عمرو بن العاص -رضي اللَّه عنهما-: (فقلت): يا رسول اللَّه! (إني أُطيق أفضلَ من ذلك)؛ أي: أكثر من صوم ثلاثة أيام من كل شهر، (قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: فصم يومًا، وأفطر يومين) -بالإفراد في الأول، والتثنية في الآخر-، وفي رواية حسين المعلم في: الأدب من "الصحيح": "فصم من كل جمعة ثلاثة أيام" (٣).

وفي "الصحيحين" من حديث ابن عمرو: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "صمْ يومًا، ولك أجرُ ما بقي"، قال: إني أطيق أكثرَ من ذلك، قال: "فصم يومين، ولك أجر ما بقي"، قال: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: "صُم ثلاثةَ


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢٢/ ٣٠٢، ٣٠٥).
(٢) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٣/ ٨٦).
(٣) تقدم تخريجه برقم (٥٧٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>