للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلوات اللَّه وسلامه على نبينا وعليه، وعلى سائر أنبياء اللَّه ووسله أجمعين (١).

(وهو)؛ أي: صيامُ داود -عليه السلام- (أفضلُ الصيام).

وفي "الصحيحين" من حديث ابن عمرو -رضي اللَّه عنهما-: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن أحبَّ الصيامِ إلى اللَّه صيامُ داودَ" (٢)، وهذا يدل على أفضلية هذا الصيام على صوم الدهر، ويترجَّح من حيث المعنى بأن صيام الدهر قد يفوِّتُ بعضَ الحقوق، وبأن من اعتاده لا يكاد يشقُّ عليه، بل تضعف شهوتُه عن الأكل، وتقلُّ حاجته إلى الطعام والشراب نهارًا، ويألف تناوله في الليل؛ بحيث يتجدد له طبع زائد، بخلاف من يصوم يومًا؛ ويفطر يومًا؛ فإنه لا يزال ينتقل من فطر إلى صوم، ومن صوم إلى فطر.

وقد نقل الترمذي عن بعض أهل العلم: أنه أشقُّ الصوم (٣)، ويأمن مع ذلك من تفويت الحقوق (٤).

وفي "فتاوى ابن عبد السلام" من الشافعية: أن صوم الدهر أفضلُ من صيام داود -يعني: صوم يوم؛ وفطر يوم-؛ لأنه أكثر عملًا، فيكون أكثر ثوابًا (٥)، وبذلك جزم الغزالي منهم، بشرط أَلَّا يصوم الأيام المنهيَّ عنها، وأَلَّا يرغب عن السنة بأن يجعل الصوم حجرًا على نفسه (٦).


(١) انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (١/ ١٨٠ - ١٨١).
(٢) سيأتي تخريجه قريبًا.
(٣) انظر: "سنن الترمذي" (٣/ ١٤٠).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٢٢٣).
(٥) لم أقف على كلامه هذا -رحمه اللَّه- فيما طبع من "فتاواه".
(٦) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٢٢٣)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>