للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عبد اللَّه: (فقلت: إني أطيقُ أكثرَ من ذلك) يا رسول اللَّه، (فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا أفضلَ من ذلك).

قال في "الفروع": أفضل صوم التطوع (١)، نص الإمام أحمد عليه؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لعبد اللَّه بن عمرو: "صمْ يومًا وأفطرْ يوما، فذلك صيامُ داود -عليه السلام-، وهو أفضل الصيام" (٢). فأجراه الإمام أحمد على ظاهره، وأيده بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا أفضل من ذلك"، ومن فضل صيام الدهر حُمِلَ قوله -عليه السلام-: "لا أفضل من ذلك"؛ أي: بالنسبة إلى مَنْ حالُه مثلُ حالك؛ يعني: من يتعذر عليه الجمعُ بين الصوم الأكثرِ والقيامِ بالحقوق (٣).

قال ابن دقيق العيد: والأقرب: أن يجري على ظاهر الحديث في تفضيل صيام داود -عليه السلام-؛ لأن الأفعال متعارضة المصالح والمفاسد، وليس كل ذلك معلومًا لنا، ولا مستحضرًا، وإذا تعارضت المصالح والمفاسد، فمقدار تأثير كل واحدة منهما في الحث أو المنع غيرُ متحقق لنا، فالطريق حينئذ أن يفوَّضَ الحكمُ إلى صاحب الشرع، ويُجرى على ما دل عليه ظاهر اللفظ، مع قول الظاهر هاهنا، وأما زيادة العمل، واقتضاء القاعدة لزيادة الأجر بسببه، فيعارضه اقتضاء العادة والجبلة للتقصير في حقوق يعارضها الصوم الدائم، ومقادير ذلك الفائت مع مقادير ذلك الحاصل من الصوم غير معلومة لنا، انتهى (٤).

(وفي رواية) في "الصحيحين" من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص -


(١) يعني: إن صيام داود -عليه السلام- هو من أفضل صوم التطوع.
(٢) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٣/ ٧٩).
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢٣٩).
(٤) المرجع السابق، الموضع نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>