للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في "الفروع" في النذر: ولا يصح إلا من مكلَّف -ولو كافرًا- بعبادة، نص عليه -يعني: الإمام أحمد- (١).

قال ابن دقيق العيد: يَستدل به من يرى صحةَ النذر من الكافر، قال: وهو قولٌ، أو وجهٌ في مذهب الشافعي.

والأشهر -يعني: عند الشافعية-: أنه لا يصح؛ لأن النذر قُربة، والكافر ليس من أهل القُرَب.

ومن يقول بهذا يحتاج إلى أن يؤول الحديث: بأنه أمر بأن يأتي باعتكاف يوم شبيه بما نذر؛ لئلا يخل بعبادةٍ نوى فعلَها، فأطلق عليه أنه منذور؛ لشبهه بالمنذور، وقيامِه مقامه في فعل ما نواه من الطاعة.

وعليه: إما أن يكون قوله: "أوف بنذرك" من مجاز الحذف، أو مجاز التشبيه، وظاهر الحديث خلافُه؛ لعدم الملجئ إلى مثل هذا التأويل (٢).

وأجاب بعض من لا يرى انعقادَ النذر من الكافر: بأن المرادَ: أنه نذرَ بعدَ إسلامه في زمن لا يقدر أن يفي بنذره فيه؛ لمنع الجاهلية للمسلمين من دخول مكة، ومن الوصول إلى الحرم.

وهذا مردود بما أخرجه الدارقطني من طريق سعيد بن بشير، عن عبيد اللَّه، بلفظ: نذر عمرُ أن يعتكفَ في الشركِ (٣)، فهو صريح في أن نذره كان قبلَ إسلامه في الجاهلية، كما في القسطلاني (٤).


(١) المرجع السابق، (٦/ ٣٥٣).
(٢) أنظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢٥٨).
(٣) تقدم تخريجه قريبًا.
(٤) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>