للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إذا لم يمكن تأويله، وعن قولهم فيه زيادة لفظ بأن خبرنا فيه زيادةُ حكمِ جوازِ اللبس بلا قطع؛ يعني: وهذا الحكمُ لم يشرع بالمدينة، وقاله شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أولى من دعوى النسخ كما قاله صاحب "المغني" (١)، و"المحرر" (٢).

وفي "شرح البخاري" للقسطلاني (٣)، قال الخطابي: العجبُ من الإمام أحمدَ في هذا -يعني: في قوله بعدم القطع-؛ فإنه لا يكاد يخَالف سنةً تبلغُه (٤).

قال الزركشيُّ الحنبليُّ: العجبُ كل العجب من الخطابي في توهُّمه عن الإمام أحمد مخالفةَ السنةِ، أو خفاءها، وقد قال المروذي: احتججتُ على أبي عبد اللَّه بقول ابن عمر عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وليقطع أسفلَ الكعبين"، فقال: هذا حديث، وذاك حديث، فقد اطلع على السنَّة، وإنما نظر نظرًا لا ينظره إلا الفقهاء المتبصرون، وهذا يدل على غاية الفقه والنظر، انتهى (٥).

قال في "الفروع": وإن لبس المحرم مقطوعًا دونهما -يعني: الكعبين-، مع وجود نعل، لم يجز، وفدى، نص عليه الإمام أحمد؛ وفاقًا لأبي حنيفة؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- شرطَ لجواز لبسهما عدمَ النعلين، وأجازه؛ لأنه


(١) انظر: "المغني" لابن قدامة (٣/ ١٣٩).
(٢) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٢٧٣ - ٢٧٥).
(٣) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣١٤).
(٤) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٢/ ١٧٦ - ١٧٧).
(٥) انظر: "شرح الزركشي على الخرقي" (٣/ ١١٥). قال ابن العربي في "العارضة" (٤/ ٥٥ - ٥٦)، وأما أحمد فعلى صراط مستقيم، وهذه المقولة لا أراها صحيحة، فإن حمل المطلق على المقيد أصل أحمد، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>