للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه دليل على قَبول خبر الواحد، وأن العمل به سائغٌ شائعٌ بين الصَّحابة؛ لأن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أرسلَ ابنَ حُنين ليستعلم له علمَ المسألة، ومن ضرورة ذلك قبولُ خبره عن أبي أيوب فيما أُرسل فيه (١).

قال عبد الله بن حنين: (فوجدتُه)؛ أي: أبا أيوب، وفي الكلام طَيٌّ، تقديره: فأرسلني إليه، فذهبت إلى أبي أيوب، فوجدته (يغتسلُ) في حال إحرامِه، وهو واقف (بين القرنين)؛ أي: قرني البئر، وهما جانبا البناء الذي على رأس البئر، يُجعل عليهما خشبة تعلق بها البكرة (٢).

(وهو) -يعني: أبا أيوب- (يُسْتَر) -بضم المثناة تحت على صيغة ما لم يسمّ فاعله-؛ أي: يستره مَنْ عنده (بثوب) من أعين الناظرين، وهذا من الاتفاقات الغريبة أن يرسل إليه ليستعلم عن الغسل، فيوجد متلبسًا بما يراد أن يستعلم عنه.

قال عبد الله بن حنين: (فسلمت عليه، فقال: من هذا؟)؛ أي: بعد أن ردَّ السلام.

فيه دليل على جواز السلام على المتطهر في حال طهارته؛ بخلاف من هو على الحدث.

وفيه جواز الكلام في أثناء الطهارة، وعلى التستر عند الغسل (٣).

قال عبد الله بن حنين: فـ (قلت: أنا عبدُ الله بنُ حنين، أرسلني إليك) عبدُ الله (بنُ عبّاس) - رضي الله عنهما - (يسألك: كيفَ كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يغسلُ رأسَه وهو محرِمٌ؟)، هذا يُشعر بأن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - كان


(١) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٢) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣١٣).
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>