للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنده علم بأصل الغسل؛ فإن السؤال عن كيفية الشيء إنما يكون بعد العلم بأصله.

وفيه دليل على أن غسل البدن كان عنده متقرر الجواز، إذ لم يسأل عنه، وإنما سأل عن كيفية غسل الرأس، ويحتمل اختصاص السؤال عن غسل الرأس، لكونه موضعَ الإشكال في المسألة، أو الحرص عليه، ويخشى بتحريكه باليد من نتف الشعر (١).

(فوضع أبو أيوب) الأنصاريُّ - رضي الله عنه - (يده على الثوب) الذي يُستر به، (فطأطأه)؛ أي: خفض الثوب، وأزاله من إزاء رأسه (٢) (حتّى بدا لي) -بغير همز-؛ أي: ظهر لي (رأسه).

(ثمّ قال لإنسانٍ) لم يسم ذلك الإنسان (يصبُّ عليه الماءَ) ليغتسلَ به: (اصْبُبْ) (فصبَّ) الإنسان الماء (على رأسه) -أي: أبي أيوب-.

فيه دليل على جواز الاستعانة في الطهارة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحيحة، وورد في تركها شيء لا يقابلها في الصحة (٣).

(ثمّ حَرَّكَ) أبو أيوبَ (رأسَه بيديه) -بالتثنية- (فأقبل بهما وأدبر).

فيه جواز دَلْك شعر المحرم بيده إذا أمن تناثره.

(ثم قال) أبو أيوب - رضي الله عنه -: (هكذا رأيتُه - صلى الله عليه وسلم - يفعل).

فيه الجوابُ والبيانُ بالفعل، وهو أبلغُ من القول، وإنما عدلَ عبدُ الله بنُ حنين بالسؤال عن الكيفية عن السؤال عن الغسل، حيث لم يقل: هل كان يغسل رأسه؟ ليوافق اختلافهما؛ لأنه لما رآه يغتسل وهو محرم، فهمَ من


(١) المرجع السابق، (٣/ ٦٩).
(٢) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣١٣).
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>