للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استحبابًا إذا عجزَ عن بعض ما يجب فيها، لم يسقط عنه المقدورُ لأجل العجز، بل قد قال النّبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتُكُمٍ بأمرٍ، فَأْتُوا منهُ ما استَطَعْتُمْ" (١)، وذلك مطابق لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، ومعلوم أن الصلاة وغيرَها من العبادات التي هي أعظمُ من الطواف لا تسقطُ بالعجز عن بعض شروطها وأركانها، فكيف بالحج يسقط بالعجز عن بعض شروط الطواف أو أركانه؟ ومثل هذا القول أن يقال: يسقط عنها طواف الإفاضة، فإن هذا خلافُ الأصول، إذ الحج عبارة عن الوقوف والطواف، والطواف أفضلُ الركنين وأجلُّهما (٢).

وقال في موضع آخر من الكتاب المذكور: غايةُ ما في الطهارة: أنها شرطٌ في الطواف، ومعلوم أن كونها شرطًا في الصلاة أوكدُ منها في الطواف، وكذا سائر الشروط، من الستارة، واجتناب النجاسة، هي في الصلاة أوكد، فإن غاية الطواف أن يشبه بالصلاة.

إلى أن قال: فالمصلي يصلي عريانًا، ومع الحدثِ والنجاسة في صورة المستحاضة وغيرها، وتصلي مع الجنابة أو حدث الحيض مع التيمم، وبدون التيمم عند الأكثرين إذا عجزت عن الماء والتراب، لكن الحائض لا تصلي؛ لأنها ليست محتاجةً إلى الصلاة مع الحيض، فإنها تسقط عنها إلى غير بدل (٣).

والحاصل: أنه انتصر لصحة طواف الحائض، وأقام عليه أدلةً واضحة، فإنه لا دم عليها.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢٦/ ٢٣٠).
(٣) المرجع السابق، (٢٦/ ٢٣٤ - ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>