مالك-؛ فإنه رواه ولم يقل به، وكل ما كان كذلك لم يعمل به؛ لأن الراوي إذا خالف، فإما أن يكون مع علمه بالصحة فيكون فاسقًا، فلا تُقبل روايته، وإما أن يكون لا مع علمه بالصحة، وهو أعلم بعلل ما روى، فيتبع في ذلك.
والجواب: منع المقدمة الثانية، وهو أن الراوي إذا خالف ما رواه، لم يعمل بروايته، وقولهم: إن كان مع علمه بالصحة، كان فاسقًا، ممنوع، لجواز أن يعلم بالصحة، ويخالف لمعارضٍ راجح عنده، ولا يلزم تقليده فيه، وقولهم: إن كان لا معَ علمه بالصحة، وهو أعلم بروايته، فيتبع في ذلك، ممنوع أيضًا؛ لأنه إذا ثبت الحديث، وجب العمل به ظاهرًا، فلا يترك لمجرد الوهم والاحتمال.
وأيضًا: هذا الحديث مرويٌّ من عدة طرق، فإن تعذر الاستدلال به من جهة رواية مالك، لم يتعذر من جهة أخرى، وإنما ربما يستأنس لما زعموا عند التفرُّق، والواقع خلافه.
وقيل في العذر عن العمل بمضمون الأحاديث: إنها آحاد فيما تعمُّ به البلوى، وخبر الواحد في ذلك غير مقبول، فإن البياعات مما تكرر مرات لا تحصى، ومثل هذا تعمُّ البلوى بمعرفة حكمه، وما عمَّت به البلوى، يكون معلومًا عند الكافة عادة، فانفراد واحد به خلاف العادة.
والجواب عن ذلك: بمنع المقدمتين معًا:
أما الأولى: فالذي تعمُّ به البلوى: البيع دون الفسخ الذي دلَّ عليه الحديث، فإنَّ الظاهر من الإقدام على البيع الرغبةُ من المتعاقدين فيما صارا إليه، فالحاجة في معرفة حكم الفسخ لا تكون عامَّة.
وأما الثانية: فالمعوَّل عليه في الرواية عدالةُ الراوي، وجزمه بالرواية،