مذهبه، والشافعي، وأحمد طعنوا في قول من زعم أنه مخالف للأصول، وفي أنه إذا خالف الأصول، لم يجب العمل به.
أما الأول: وهو زعمهم أنه مخالف للأصول، فقد فرق بعضهم بين مخالفة الأصول، ومخالفة قياس الأصول، وخص الرد بخبر الواحد بالمخالفة في الأصول، لا بمخالفة قياس الأصول، وهذا الخبر إنما يخالف قياس الأصول.
وقد تصدى جماعة من المحققين إلى ردِّ جميع هذه الإرادات:
فقال عن الأول: لا نسلم أنَّ جميع الأصول تقتضي الضمان بأحد الأمرين على ما ذكرتموه، فإن الحرَّ يضمن بالإبل، وليس بمثل له، ولا قيمة، والجنين يضمن بالغرة، وليست بمثل له، ولا قيمة، وأيضًا: فقد يضمن المثلي بالقيمة إذا تعذرت المماثلة، وهاهنا تعذرت، فمن أتلف شاة لبونًا، كان عليه قيمتها مع اللبن، ولا يجعل بإزاء لبنها لبن آخر، لتعذر المماثلة.
وأما قولكم: القواعد الكلية تقتضي أن يكون الضمان بقدر التالف، ينتقض عليكم بمثل المُوضِحَة؛ فإن أَرْشَها مع قدر، مع اختلافها بالكبر والصغر، والجنين أرشُه مقدَّر، فلا يختلف بذكورة ولا أنوثة، واختلافِ الصفات، والحرُّ ديتُه مقدرة، وإن اختلف بالصغر والكبر وسائر الصفات، والحكمة فيه: بأن ما يقع فيه التنازعُ والتشاجرُ يُقصد قطعُ النزاع فيه بتقديره بشيء معين، وتقدَّم هذه المصلحةُ في مثل هذا المكان على تلك القاعدة.
وأما قولكم: إن كان اللبن موجودًا عند العقد. . . . إلخ.
فالجواب: إنما يمتنع الرد إذا كان النقص لا لاستعلام العيب، وهذا النقص للاستعلام، على أننا نلتزم أن يكونَ كونُ اللبن التالف كان موجودًا،