للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدمَ ثبوت هذه اللفظة، كانقل عن يحيى بن أكثم، وعن الإمام الشافعي قريبٌ منه، وأنه قال: اشتراطه للولاء رواه هشام بن عروة، عن أبيه، وانفرد به دون غيره من رواة هذا الحديث، وغيرُه من رواته أثبتُ من هشام، ففي رواية مالك، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: لما ذكرت عائشة امتناعَهم من بيع بَريرةَ إلا أن يكون الولاء لهم، فقال: "لا يمنعك ذلك، فإنما الولاءُ لمن أعتقَ" (١).

والتحقيق: إثباتُ هذه اللفظة، للثقة براويها، ومن التأويل والتخريج من ظاهر الإشكال أن يكون هذا الاشتراط بمعنى: ترك المخالفة لما شرطه البائعون، وعدم إظهار النزاع فيما دعوا إليه.

وقد يعبر عن التخلية والترك بصيغة تدل على الفعل، ألا ترى أنه قد أطلق لفظ الإذن من الله تعالى على التمكين من الفعل والتخلية بين العبد وبينه، وإن كان ظاهر اللفظ يقتضي الإباحة، والتجويز؟ وهذا موجود في كتاب الله تعالى على ما يذكره المفسرون، كما في قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه} [البقرة: ١٠٢]، وليس المراد بالإذن هنا إباحة الله بالإضرار بالسحر، ولكنه لما خلى بينهم وبين ذلك الإضرار، أطلق عليه لفظ الإذن مجازًا.

ومنها: أن لفظة الاشتراط والشرط وما تصرف منهما يدل على الإعلام والإظهار، ومنه: أشراط الساعة، فيحمل قوله: "اشترطي" على معنى: اعلمي حكم الولاء وبيِّنيه، واعلمي أنه لمن أعتق.

ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد أخبرهم أن الولاء لمن أعتق، ثم أقدموا على


(١) رواه البخاري (٢٠٦١)، كتاب: البيوع، باب: إذا اشترط شروطًا في البيع لا تحل، ومسلم (١٠٥٤/ ٥)، كتاب: العتق، باب: إنما الولاء لمن أعتق.

<<  <  ج: ص:  >  >>