للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتراط ما يخالف هذا الحكم الذي علموه، فورد هذا اللفظ على سبيل الزجر والتوبيخ والتنكيل، لمخالفتهم الحكم الشرعي، فأبطلَ هذا الشرطَ، عقوبةً لمخالفتهم حكمَ الشرع (١)، والله الموفق.

(ثم) بعد شراء عائشة لبريرةَ وعتقِها لها (قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس خطيبًا، فحمد الله) -سبحانه وتعالى-، (وأثنى عليه) عودًا على بَدءٍ بما هو أهله، (ثم قال) بعد الحمد والثناء: (أما بعد: فما بالُ رجالٍ)، وفي لفظ: "أقوام" (٢)، وهو استفهام إنكاري إبطالي؛ أي: ما حالهم وشأنهم؟ وهم أهل بريرة المتقدم ذكرهم، فنبه على تقبيح فعلهم بقوله: (يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله) تعالى، (ما كان من شرط ليس في كتاب الله) تعالى؛ أي: حكمه الذي يت عبد به عباده من كتاب أو سنة أو إجماع (٣)، فإن الشريعة كلها في كتاب الله، إما بغير واسطة، كالمنصوصات في القرآن من الأحكام، وأما بواسطة، كالسنة والإجماع، وما يقاس على ذلك (٤)، (فهو باطل، وإن كان) المشروطُ (مئةَ شرطٍ) مبالغة وتأكيدًا؛ لأن عموم "ما كان من شرط" دل على بطلان جميع الشروط، كان زادت على المئة.

(قضاءُ الله)؛ أي: حكمه (أحقُّ) بالاتباع، وأولى بالامتثال له من الشروط المخالفة لحكم الشرع؛ أي: هو الحق الذي يجب العمل به لا غيرُه.


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ١٦٤).
(٢) رواه البخاري (٤٤٤)، كتاب: المساجد، باب: ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد، ومسلم (١٥٠٤/ ٨).
(٣) نقله المناوي في "فيض القدير" (٢/ ١٧٣).
(٤) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>