وقال ابن بطال: قالت الحنفية: البائع أسوة الغرماء، ودفعوا حديث التفليس بالقياس، وقالوا: السلعة مال المشتري، وثمنها في ذمته.
والجواب: أنه لا مدخل للقياس إلا إذا عدمت السنة، أما مع وجودها، فهي حجة على من خالفها.
فإن قال الكوفيون: نؤوِّله بأنه محمول على المودع والمقرض دون البائع.
قلنا: هذا فاسد؛ لأنه -عليه السلام- جعل لصاحب المتاع الرجوع إذا وجده بعينه، والمودع أحقُّ بعينه، سواء كان على صفته، أو قد تغير عنها، فلم يجز حمل الخبر عليه، ووجب حمله على البائع؛ لأنه يرجع بعينه إذا وجده بصفته لم يتغير، فإذا تغير، فإنه لا يرجع به.
وقال الكرماني: هذا التأويل غير صحيح، إذ لا خلاف أن صاحب الوديعة أحق بها، سواء وجدها عند مفلس، أو غيره، وقد شرط في الحديث الإفلاس (١).
والحاصل: أنهم أطالوا في الرد على من خالف هذا الحديث، والله أعلم.
الخامس: قد استُدل بهذا الحديث للقول بأن الديون المؤجلة تحل بالحَجْر على المديون، ووجه الاستدلال: أنه يندرج تحت كونه أدرك ماله، فيكون أحق به، ومن لوازم ذلك أن يحل، إذ لا تسوغ المطالبة بالمؤجل.
ومعتمد مذهبنا: أنه متى كان الثمن مؤجلًا، رجع في السلعة، فأخذها عند حلول الأجل، فتوقف إليه.