للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشفعة الجوار قدموا الشريك مطلقًا، ثم المشارك في الطريق، ثم الجار على من ليس بمجاور (١).

قلت: وتوسط شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: تثبت الشفعة للجار مع الشركة في الطريق، واختاره تلميذه ابن قاضي الجبل في "الفائق"، لما روى الترمذي من حديث جابر مرفوعًا: "الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها إذا كان غائبًا، بأن كان طريقهما واحدًا"، قال: وهذا ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية أبي طالب، وقد سأله عن الشفعة، فقال: إذا كان طريقهما واحدًا شركاء لم يقتسموا، فإذا طرقت الطرق، وعرفت الحدود، فلا شفعة.

قال: الحارثي من علمائنا: ومن النَّاس من قال بالجواز، لكنه يقيد الشركة في الطريق.

وذكر كلام الإمام أحمد في رواية أبي طالب، ثمّ قال: وهذا الصحيح الذي يتعين المصير إليه، ثم ذكر أدلته، وقال: وفي هذا المذهب جمع بين الأخبار، فيكون أولى بالصواب (٢).

الرابع: يشترط للأخذ بالشُّفعَةِ -مع ما تقدم-: المطالبةُ بها على الفور، وأخذ جميع المبيع، وأن يكون للشفيع ملك الرقبة سابقًا.

وعن أبي حنيفة: لا بد من طلبها على الفور، حتى إن علم وسكت هنيهة، ثم طلب الشفعة، فليس له ذلك، وعنه: رواية أخرى: ما دام قاعدًا في ذلك المجلس، فله أن يطالب بالشفعة ما لم يصدر منه ما يدل على الإعراض، من نحو قيام، واشتغال بشغل آخر.


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٤٣٨).
(٢) انظر: "المبدع" لابن مفلح (٥/ ٢٠٦)، و"الإنصاف" للمرداوي (٦/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>