للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعود في قيئه) الذي يقذفه من داخل جوفه، فشبه بأخسّ الحيوانات في أخسّ أحواله، تصويرًا للتهجين، وتنفيرًا منه.

قال في "المصابيح": وفي ذلك دليل على المنع عن الرجوع في الصدقة، لما اشتمل عليه من التنفير الشديد، من حيث شبه الراجع بالكلب، والمرجوع فيه بالقيء، والرجوع في الصَّدقة برجوع الكلب في قيئه، انتهى (١).

وقد جزم جمعٌ محققون بالحرمة.

قال قتادة: لا نعلم القيء إلا حرامًا (٢).

وقالت الشافعية: إن ذلك للتنزيه؛ لأن فعل الكلب لا يوصف بتحريم، إذ لا تكليف عليه، فالمراد: التنفير من العود بتشبيهه بهذا المستقذر (٣).

وقلتُ: ولا يخفى مافي هذا.

وقد ترجم البخاري باب: لا يحل لرجل أن يرجع في هبته وصدقته (٤).

قال ابن بطال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجوعَ في ذلك كالرجوع في القيء، وهو حرام، فكذا الرجوع في الهبة، ثم أجاب بمثل ما تقدم (٥)، مع أنه جاء في حديث: "لا يحل لواهب أن يرجع في هبته"، ولفظه عن ابن عمر، وابن عباس - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لرجل أن يعطي لرجل عطية، أو يهب هبة، ثم يرجع فيها، إِلا الوالد فيما يعطي


(١) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٢) رواه أبو داود (٣٥٣٨)، كتاب: الإجارة، باب: الرجوع في الهبة.
(٣) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٧٥).
(٤) انظر: "صحيح البخاري" (٢/ ٩٢٤).
(٥) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٣/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>