للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك: يجوز أن ينحل الرجل بعضَ ولده ببعض ماله، ويُكره أن ينحله جميعَ ماله، وإن فعل ذلك، نفذ إذا كان في الصحّة (١).

وقد علمت أنّ مذهب الإمام أحمد حرمة ذلك.

قال ابن دقيق العيد: التفضيل يؤدي إلى الإيحاش والتباغض، وعدم البر من الولد لوالده، أعني: الولدَ المفضّلَ عليه، قال: وقد ذهب بعضهم إلى أنّه محرّم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُشهدْني على جور"، فسمّاه جَورًا، وأمره بالرجوع فيه، لاسيّما إذا أخذ بظاهر هذا الحديث أنّه كان صدقة، فإنّ الصدقة على الولد لا يجوز الرجوع فيها، فإنّ الرجوع يقتضي أنها وقعت على غير الموقع الشرعي حيث نقضت بعد لزومها، انتهى (٢).

وقال بالحرمة في التخصيص والتفضيل: البخاري، وهو قول طاوس، والثوري، وإسحاق بن راهويه، وقال به بعض المالكية.

ثم المشهور عند هؤلاء: أنها باطلة، وعند الإمام أحمد: تصح، ويجب عليه أن يرجع، أو يساوي، كما تقدم، وقال أبو يوسف: تجب التسوية إن قصد بالتفضيل الإضرار.

ومن ذهب إلى أن التسوية مستحبّة حمل الأمر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فارجعه"، وفي لفظ: "فاردده، واتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم" على التنزيه، مع أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا الله" يؤذن بأن اختلاف التسوية ليس بتقوى الله، وأن التسوية تقوى (٣).


(١) انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (٢/ ٥٧).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ٢١٥ - ٢١٦).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٥/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>