رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر بالشطر، ثم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي - رضي الله عنهم - إلى اليوم يعطون الثلث والربع.
وهذا عمل به الخلفاء الراشدون مدةَ خلافتهم، واشتهر ذلك، فلم ينكره منكِر، فكان إجماعًا، فتجوز المساقاة في النخل، وفي كل شجر له ثمر مأكول ببعض ثمرته، هذا قول الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم -، وبه قال سعيد بن المسيب، وسالم، ومالك، والأوزاعي، وأبو يوسف، ومحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
وقال داود: لا يجوز إلا في ثمر النخل؛ لأن الخبر إنما ورد [بها](١) فيه.
وقال: الشافعي: لا تجوز إلا في النخل والكرم؛ لأن الزكاة تجب في ثمرتها، وفي سائر الشجر قولان.
وقال أبو حنيفة وزفر: لا تجوز بحال؛ لأنها إجارة بثمرة لم تخلف، أو إجارة بثمرة مجهولة، أشبه إجارته بغير ثمر الشجر الذي يسقيه.
ولنا: ما ذكرنا من الحديث، والإجماع، ولا يجوز التعويل على ما خالفهما، ولأن المعى يدلُّ على ذلك، فإن كثيرًا من أهل النخيل والشجر يعجز عن عمارته وسقيه، ولا يمكنه الاستئجار عليه، وكثير من الناس لا شجر لهم، ويحتاجون إلى الثمر، وفي تجويز المساقاة دفع الحاجتين، وتحصيلُ المنفعة للفئتين، فجاز، كالمضاربة بالأثمان، فأما قياسهم، فيبطل بالمضاربة، فإنه يعمل في المال بجزء من نمائه، وهو معدومٌ مجهول، وقد جاز بالإجماع، وهذا في معناه.