قال الإمام شمس الدين بن أبي عمر في "شرح المقنع": اختلفت الرواية عن الإمام أحمد - رضي الله عنه - في هذه المسألة، فروي عنه: اشتراطُ كون البذر من ربِّ الأرض، نصّ عليه في رواية جماعة، وهو اختيار الخرقي، وعامة الأصحاب، وهو قول ابن سيرين، وإسحاق؛ لأنه عقدٌ يشترك ربُّ المال والعامل في نمائه، فوجب أن يكون رأس المال كلّه من عند أحدهما، كالمساقاة والمضاربة.
قال: وروي عنه ما يدل على أنّ البذر يكون من العامل، فإنّه قال في روايةٍ مهنّا في الرجل تكون له الأرض فيها نخلٌ وشجرٌ، يدفعها إلى قومٍ يزرعون الأرض، ويقومون على الشجر على أن له النصف ولهم النصف، فلا بأس بذلك، قد دفع النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر على هذا، فأجازَ دفعَ الأرضِ ليزرعها من غيرِ ذكر البذر، فعلى هذا أيهما أخرج البذر، جاز، وروي نحو ذلك عن عمر - رضي الله عنه -، وهو قول أبي يوسف وطائفة من أهل الحديث.
قال: وهو أصح -إن شاءَ الله تعالى-.
وروي ذلك عن سعد، وابن مسعود، وابن عمر: أنَّ البذر من العامل، ولعلّهم أرادوا به: يجوز أن يكون من العامل، فيكون كقول عمر - رضي الله عنه -.
قال: ولا يكون قولًا ثالثًا.
قال: والدليل على ذلك قولُ ابن عمر: دفع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يهود خيبرَ نخلَ خيبر وأرضَها على أن يعملوها من أموالهم، ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم -