للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شطرُ ثمرها، وفي لفظٍ: "أن يعملوها ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها" رواه أبو داود، ورواه مسلم -أيضًا- (١)، وتقدم.

قال: المجد في "المنتقى": وظاهر هذا أن البذر منهم، وأنّ تسمية نصيب العامل تغني عن تسمية نصيب ربّ المال، ويكون الباقي له، انتهى (٢).

قال شمس الدين: فجعل عملَها من أموالهم، وزرعَها عليهم، ولم يذكر شيئًا آخر، وظاهره: أن البذر من أهل خيبر.

قال: والأصل المعمول عليه في المزارعة قصةُ خيبر، ولم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّ البذر على المسلمين، فلو كان شرطًا، لما أخلّ بذكره، ولو فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، لنقل، ولم يجز ترك نقله، ولأن عمر - رضي الله عنه - فعل الأمرين جميعًا، فروى البخاري عنه: أنّه عامل الناس على أنّه إن جاء بالبذر من عنده، فله الشطر، وإن جاؤوا بالبذر، فلهم كذا، وتقدّم (٣).

وظاهر هذا: أنّ ذلك اشتهر، فلم ينكر، فكان إجماعًا.

فإن قيل: هذا بمنزلة بيعيتن في بيعة، فكيف يفعله عمر؟

قلنا: يُحمل على أنّه قال ذلك ليخبرهم في أيّ العقدين شاؤوا، فمن اختار عقدًا، عقده معه معيّنًا، كما لو قال في البيع: إن شئتَ بعتُك بعشرةٍ صحاح، وإن شئتَ بأحدَ عشرَ مكسرة، فاختار أحدهما، فقد وقع البيعُ عليه معيّنًا. انتهى (٤).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: "المنتقى" للمجد ابن تيمية (٢/ ٣١١)، عقب حديث (٢٣٤٥).
(٣) وتقدم تخريجه.
(٤) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٥/ ٥٨٧ - ٥٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>