للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالأولى جواز أخذه لحفظه، استنقاذًا لا لقطة (١).

وفي "الإنصاف": لو قيل: بوجوبه إِذًا، لكان له وجهٌ (٢).

وفي "شرح المقنع": الأولى جواز أخذها للحفظ، ولا ضمان على آخذها؛ لأن فيه إنقاذها من الهلاك، فأشبه تخليصها من غرقٍ أو حريق، فإذا حصلت في يده، سلمها إلى نائب الإمام، وبرىءَ من ضمانها، ولا يملكها بالتعريف؛ لأن الشرع لم يرد بذلك فيها (٣).

ومنها: أنّ من ترك دابة، لا عبدًا ومتاعًا بمهلكة أو فلاة تركَ إياس، لانقطاعها، أو عجزه عن علفها، ملكها آخذها، وبه قال الليث، والحسن بن صالح، وإسحاق، لا إن تركها ليرجع إليها، أو ضلّت منه.

وقال مالك: هي لمالكها، والآخرُ متبرع بالنفقة، لا يرجع بشيء؛ لأنه ملك غيره، فلم يملكه بغير عوض من غير رضاه، كما لو كانت في غير مهلكة، ولا يملك الرجوع؛ لأنه أنفق على مال غيره بغير إذنه، فلم يرجع بشيء، كما لو بنى داره.

ولنا: ما روى الشعبي: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من وجد دابّة قد عجز عنها أهلها فسيبوها، فأخذها فأحياها، فهي له".

قال عبدُ الله بنُ حُميدِ بنِ عبد الرّحمن: فقلت -يعني: للشعبي-: من حدّثك بهذا؟ قال: غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رواه أبو داود بإسناده (٤).


(١) انظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ٣٣).
(٢) انظر: "الإنصاف" للمرداوي (٦/ ٤٠٣).
(٣) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٦/ ٣٢٤).
(٤) رواه أبو داود (٣٥٢٤)، كتاب: الإجارة، باب: فيمن أحيا حسيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>