للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي لفظٍ عن الشعبي، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من ترك دابّة بمهلكة، فأحياها رجل، فهي لمن أحياها" (١)، ولأنه لما أحياها وأنقذها من الهلاك، ملكها، حفظًا للمال عن الضياع، ومحافظةً على حرمة الحيوان، وفي القول بأنها لا تملك تضييع لذلك كله من غير مصلحة تحصل، ولأنه تركه رغبةً عنه، وعجزًا عن أخذه، فملكه آخذه، كالساقط من ابن السبيل، وسائرِ ما ينبذه الناس رغبةً عنه، بخلاف ما إذا كان المتروك متاعًا، فخلصه إنسان، فإنه لا يملكه؛ لأنه لا حرمة له في نفسه، ولا يخشى عليه التلف، كالخشبة، وأما الحيوان، فإنه يموت إذا لم يطعم ويسق، وتأكله السباع، والمتاعُ يبقى حتى يرجع إليه صاحبه، وفيما إذا كان المتروك عبدًا، فإنه لا يملك بأخذه أيضًا؛ لأن العبد في العادة يمكنه التخلص إلى الأماكن التي يعيش فيها، بخلاف البهيمة، وله أخذ العبد والمتاع ليخلصه لصاحبه، وله أجر المثل، نصّ عليه الإمام أحمد في تخليص المتاع، وقيس عليه العبد (٢).

ومعتمد المذهب: لا يسوغ له الرجوع إلّا بأجرة حمل متاع، وبنفقة واجبة حيث نوى الرجوع.

ومنها: لو أخذ ما يلقى في البحر خوفًا من الغرق، فهل يملكه آخذه؛ لأنه نُبذ وتُرك تركَ إياس، أو لا؟

قال في "الإقناع": لا يملكه آخذه (٣).

وقال الحارثي: نصّ عليه.


(١) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٢٣٨٨).
(٢) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٦/ ٣٢٥ - ٣٢٦).
(٣) انظر: "الإقناع" للحجاوي (٣/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>