للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهرًا؛ لأنها عطية لا تجب في الحياة، فلا تجب بعد الموت، كعطية الأجانب.

فأمّا الآية، فقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: نسخها قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} (١) [النساء: ٧]، وقال ابن عمر: نسختها آية الميراث (٢)، وبه قال عكرمة، ومجاهد، ومالك، والشافعي.

وذهبت طائفةٌ ممن يرى نسخ القرآن بالسنّة إلى أنها نُسخت بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ الله قد أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، فلا وصية لوارث" (٣)، وحملوا حديت ابن عمر هذا على من عليه واجب، أو عنده وديعة (٤).

وفي "شرح البخاري" للبدر العيني: ليس الاستدلال على وجوب الوصية بحديث ابن عمر بصحيح؛ لأنه راوي الحديث، ولم يوص، ومحال أن يخالف ما رواه لو كان واجبًا (٥). وردّ ذلك بأنه (زاد مسلم) في "صحيحه" على البخاري: (قال ابن عمر) - رضي الله عنهما -: (ما مرّت عليَّ ليلةٌ) واحدةٌ (منذ سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك)؛ أي: الذي مرّ، وهو: "ما من امرىءٍ مسلمٍ" الحديث (إلّا وعندي وصيتي) مكتوبة، فهذا


(١) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ٢٩٩).
(٢) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢/ ١١٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٦٥).
(٣) رواه أبو داود (٢٨٧٠)، كتاب: الوصايا، باب: ما جاء في الوصية للوارث، والترمذي (٢١٢٠)، كتاب: الوصايا، باب: ما جاء: "لا وصية لوارث"، وقال: حسن صحيح، وابن ماجة (٢٧١٣)، كتاب: الوصايا، باب: لا وصية لوارث، من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -.
(٤) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٦/ ٤١٥ - ٤١٦).
(٥) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٤/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>