للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقترن ذلك بالشهادة، وبه قال الإمام أحمد، ومحمد بن نصر من الشافعية (١).

وقال الشافعي: المراد بهذا الحديث: الحزم والاحتياط للمسلم، إلا أن تكون وصيته مكتوبةً عنده، فيستحب تعجيلها، وأن يكتبها في صحته، ويُشهد عليها فيها، ويكتب فيها ما يحتاج إليه، فإن تجدَّد أمرٌ يحتاج إلى الوصية به، ألحقه (٢).

وقال الإمام النووي: قالوا: لا يكلف أن يكتب كلَّ يوم محقرات المعاملات وجزئيات الأمور المتكررة، ولا يقتصر على الكتابة، بل لا يعمل بها، ولا تنفع إلا إذا كان أشهد عليه بها، قال: هذا مذهبنا، ومذهب الجمهور (٣).

فإن قيل: من أين اشتراط الإشهاد مع أنّ إضماره فيه بُعد؟

أجاب: بأنه قد استدل عليه بأمرٍ خارج، كقوله تعالى: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ} [المائدة: ١٠٦]، فإنه يدلُّ على اشتراط الإشهاد في الوصية (٤).

وقال القرطبي: ذكرُ الكتابة مبالغةٌ في زيادة التوثُّق، وإلّا فالوصية المشهود بها متفق عليها، ولو لم تكن مكتوبة (٥)، انتهى.


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٥/ ٣٥٩).
(٢) نقله النووي في "شرح مسلم" (١١/ ٧٥).
(٣) المرجع السابق، (١١/ ٧٥ - ٧٦).
(٤) السائل والمجيب في هذه المسألة هو العيني، كما في "عمدة القاري" له (١٤/ ٢٩)، خلافًا لما يوهمه كلام الشارح - رحمه الله-.
(٥) انظر: "المفهم" للقرطبي (٤/ ٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>