وقد قيّد الله -تعالى- التحريم بالدخول، وصرّح بنفيه عند عدم الدخول.
وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في حجري"، وقول الله -تعالى-: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ}[النساء: ٢٣]، الحَجْر -بفتح الحاء المهملة وإسكان الجيم-، ومعناه: الحضانة والتربية، وكون المحضون تحت نظر الحاضن يمنعه مما يجب المنع منه، ولو كان الغالب ذلك ذكره لا تقييد للتحريم به، بل هو بمنزلة قوله -تعالى-: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ}[الإسراء: ٣١]، ولمّا كان من شأن بنت المرأة أن تكون عند أمها، فهي في حَجر الزوج وقوعًا وجوازًا، قيّده به، وكأنه قال: اللاتي من شأنهنّ أن يكنّ في حجوركم.
قال: الإمام المحقق ابن القيّم في "الهدي": وفي ذكر هذا فائدة شريفة، وهي: جواز جعلها في حجره، وأنه لا يجب عليه إبعادُها عنه، وتجنبُ مؤاكلتها والسفرِ والخلوةِ بها، فأفاد هذا الوصف عدم الامتناع من ذلك، قال: ولمّا خفي هذا على بعض أهل الظاهر، شرط في تحريم الربيبة أن تكون في حجر الزوج، انتهى (١).
وقال في "الفتح" في قول البخاري: وهل تسمى الربيبة وإن لم تكن في حجره؟ أشار بهذا إلى أن التقييد بقوله:{فِي حُجُورِكُمْ} هل هو للغالب، أو يعتبر فيه مفهوم المخالفة؟ قد ذهب الجمهور إلى الأول، وهو خلافٌ قديم أخرجه عبد الرزاق، وابن المنذر من طريق إبراهيم بن عبيد، عن مالك بن أوس، قال: كانت عندي امرأة قد ولدت لي، فماتت، فوَجدت