للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الحديث دلالة على أنّ الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرَة، لكنه مخالف لظاهر القرآن، قال الله -تعالى-: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: ٢٣]، وأجيب:

أولًا: الخبر مرسل، أرسله عروة، ولم يذكر من حدّثه به، وعلى تقدير أن يكون موصولًا، فالذي في الخبر رؤيا منام، فلا حجّة فيه، ولعلّ الذي رآها لم يكن إذ ذاك أسلمَ بعد، فلا يحتجّ به.

وثانيًا: على تقدير القبول يحتمل أن يكون ما يتعلّق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مخصوصًا من ذلك بدليل قصة أبي طالب، فإنّه خُفف عنه، فنُقل من الغمرات إلى ضَحْضاحٍ من نار (١).

وقال: البيهقي: ما ورد من بطلان الخير للكفار، فمعناه: أنه لا يكون لهم التخلص من النار، ولا دخول الجنّة، ويجوز أن يخفف عنهم من العذاب الذي يستوجبونه على ما ارتكبوه من الجرائم سوى الكفر بما عملوه من الخيرات.

وأما عياض، فقد قال: انعقد الإجماع على أنّ الكفار لا تنفعهم أعمالهم، ولا يثابون عليها بنعيم، ولا تخفيف عذاب، وإن كان بعضهم أشدّ عذابًا من بعض (٢).

قال: الحافظ ابن حجر في "الفتح": وهذا -يعني: ما ذكره عياض- لا يرد الاحتمال الذي ذكره البيهقي، فإن جميع ما ورد من ذاك فيما يتعلق


(١) رواه البخاري (٣٦٧٠)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: قصة أبي طالب، ومسلم (٢٠٩)، كتاب: الإيمان، باب: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب، من حديث العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (١/ ٥٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>