للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام أحمد - رضي الله عنه -: أحسنُ ما روي في الرخصة: حديث عائشة هذا، وإن كان مرسلاً؛ لأن عراكَ بنَ مالك رواه عن عائشة. قال الإمام أحمد: ولم يسمع منها (١).

وروى أبو داود، عن مروان الأصفر، قال: رأيت ابن عمر - رضي الله عنهما - أناخ راحلته مستقبلَ القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت: أبا عبد الرحمن! أليس قد نُهي عن هذا؟ قال: بلى، إنما نُهي عن هذا في الفضاء، أما إذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك، فلا بأس (٢)، وفي هذا تفسير لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العامِّ، وفيه الجمعُ بين الأحاديث، فتحمل أحاديثُ النهي على الفضاء، وأحاديث الرخصة على البنيان، فيتعين المصير إليه، والله الموفق (٣).

وقيل: يحرم الاستقبالُ دون الاستدبار.

وقيل بعدم الحرمة مطلقاً، وهو مذهب عائشةَ، وعروةَ، وغيرِهما. والله أعلم.

قال الحافظ المصنف - رضي الله عنه -: (الغائط: الموضعُ المطمئنُّ من الأرضِ)، وهو بخلاف الرابي العالي منها؛ (كانوا) في الزمن الأول (ينتابونه)؛ أي: يقصدونه (لـ) ـلقضاء (الحاجة) مرةً بعد أخرى (فكَنَّوْا به)؛


= فقال: هذا حديث فيه اضطراب، والصحيح عن عائشة، قولها.
(١) انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص: ١٦٢).
(٢) رواه أبو داود (١١)، كتاب: الطهارة، باب: كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، وابن خزيمة في "صحيحه" (٦٠)، والحاكم في "المستدرك" (٥٥١)، وغيرهم.
(٣) انظر: "الشرح الكبير" لابن أبي عمر (١/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>