للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام مالك: لا يكون المهر أقلَّ من ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو قيمتها.

ومذهب الإمام أبي حنيفة: أن أقله عشرة دراهم، واستدل بحديث: "لامهرَ أقلُّ من عشرة دراهم" (١).

قال الإمام ابن القيم في أول كتابه "إعلام الموقعين": أجمعوا على ضعف هذا الحديث، بل على بطلانه (٢)، انتهى.

ومذهب بعضهم: أن أقله خمسة دراهم.

وهذه أقوال لا دليل عليها من كتاب ولا سنّة، ولا إجماع ولا قياس، ولا قول صحابي، ومن ادعى في هذه الأحاديث التي ذكرناها اختصاصها بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أما منسوخة، أو أن عمل أهل المدينة على خلافه، فقد جاء بدعوى لا يقوم عليها دليل، والأصلُ يردُّها، وقد زوج سيدُ أهل المدينة من التابعين سعيدُ بنُ المسيَّب ابنتَه على درهمين، ولم ينكر عليه أحد، بل عدّ ذلك في مناقبه وفضائله، ولا سبيل إلى إثبات المقادير لها من جهة صاحب الشرع - صلى الله عليه وسلم - (٣)، انتهى.

قلت: ذكر الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية -رَوَّحَ الله روحَه- في "الرسالة المالكية والتنبيه على بعض ما امتاز أهل المدينة به من العلم": أن بعض المدنيين قد اعترض على الإمام مالك - رضي الله عنه - لمّا حدّ المهر بثلاثة دراهم، فقال: ولسنا ننكر أن من الناس من أنكر على الإمام مالك مخالفتَه


(١) رواه الدارقطني في "سننه" (٣/ ٢٤٥)، ومن طريقه: البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٢٤٠)، من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
(٢) أنظر: "إعلام الموقعين" لابن القيم (١/ ٣٢).
(٣) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٥/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>