للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يستباح بأقل من كذا، قياسًا على يد السارق (١)، وتعقبه الجمهور بأنه قياس في مقابل النص، فلا يصح، وبأن اليد تقطع وتبين، ولا كذلك الفرج، وبأن القدر المسروق يجب على السارق رده مع القطع، ولا كذلك الصداق، وقد ضعّف جماعة من المالكية هذا القياس.

فقال: أبو الحسن اللخمي: قياس قدر الصداق بنصاب السرقة ليس بالبيّن؛ لأن اليد إنما قُطعت في ربع دينار نكالًا للمعصية، والنكاح مستباح بوجهٍ جائز.

ونحوه لأبي عبد الله بن الفخار عنهم، نعم قوله -تعالى-: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} [النساء: ٢٥]، يدل على أن صداق الحرة لابد وأن يكون ما ينطلق عليه اسم مال له قدر، ليجعل الفرق بينه وبين مهر الأمة.

وأما قوله -تعالى-: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢٤]، فإنه يدل على اشتراط ما يسمى مالًا في الجملة، قَلَّ أو كَثُر، وقد حدّه بعض المالكية بما تجب فيه الزكاة، وهو أقوى من قياسه على نصاب السرقة، وأقوى من ذلك رَدُّه إلى المتعارَف.

وقال ابن العربي: وزن الخاتم من الحديد لا يساوي ربع دينار، وهو مما لا جواب عنه، ولا عذر فيه. لكن المحققين من أصحابنا نظروا إلى قوله -تعالى-: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} [النساء: ٢٥]، فمنع الله القادر على الطول من نكاح الأمة، فلو كان الطول درهمًا، ما تعذر على أحد، ثمَّ تعقبه بأن ثلاثة دراهم كذلك (٢)، يعني: فلا حجة فيه للتحديد، ولاسيما مع الاختلاف في المراد بالطول (٣).


(١) انظر: "المفهم" للقرطبي (٤/ ١٢٩).
(٢) انظر: "عارضة الأحوذي" لابن العربي (٥/ ٣٣ - ٣٤).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>