انقضاء العدة، أو لا؟ لكن نقل غير واحد الإجماع على أما لا تنقضي حتى تضع.
وفي هذا دليل [على] أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يفتون في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وفيه: أن المفتي إذ كان له ميل إلى الشيء، لا ينبغي له أن يفتي فيه، لئلا يحمله الميلُ إليه على ترجيح ما هو مرجوح، كما وقع لأبي السنابل، حيث أفتى سبيعة أما لا تحل بالوضع، لكونه كان خطبها، فمنعته، ورجا أما إذا قبلت ذلك منه، وانتظرت مضيَّ العدة، حضر أهلها، فرغبوها في زواجه دون غيره.
وفيه: ما كان في سبيعة من الشهامة والفطنة حتى ترددت فيما أفتاها به حتى حملها ذلك على استيضاح الحكم من الشارع: وهكذا ينبغي لمن ارتاب في فتوى المفتي، أو حكمِ الحاكم في مواضع الاجتهاد أن يبحث عن النص في تلك المسألة، ولعلّ ما وقع من أبي السنابل من ذلك هو السر في إطلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كذب في الفتوى المذكورة، كما أخرجه الإمام أحمد من حديث ابن مسعود (١)، على أن الخطأ قد يطلق عليه الكذب، وهو في كلام أهل الحجاز كثير، وحمله بعض العلماء على ظاهره، فقال: إنما كذبه؛ لأنه كان عالمًا بالقصة، وأفتى بخلافه، حكاه ابن داود عن الشافعي في "شرح المختصر"، واستبعده في "الفتح".
وفيه: الرجوع في الوقائع إلى الأعلم، ومباشرة المرأة السؤال عمّا ينزل بها، ولو كان مما يستحيي النساء من مثله.