للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال عطاء: إن شاءت اعتدت عند أهله، وسكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت، لقوله -تعالى-: {فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ} [البقرة: ٢٤٠].

قال الجمهور: نحن لا ننكر النزاع بين السلف في المسألة، ولكن السنّة تفصل بين المتنازعين. قال ابن عبد البر: أما السنّة، فثابتة بحمد الله -تعالى-، وأما الإجماع، فمستغنى عنه مع السنّة؛ لأن الخلاف إذا نزل في مسألة، كانت الحجة في قول من وافقته السنّة (١).

فإن قيل: فهل ملازمة المنزل حقٌّ للزوجة أو حقٌّ عليها؟ فالجواب: أنه حقٌّ عليها إذا تركه لها الورثة، [ولم يكن عليها فيه ضرر، وكان المسكن لها، فلو حولها الورثة، أو طلبوا منها الأجرة] (٢)، لم يلزمها السكن، وجاز لها التحول؛ لأنها غير ملزومة ببذل أجر المسكن، وإنما هي ملزومة بفعل السكنى، لا تحصيل السكن، وإذا تعذرت السكنى، سقطت، هذا قول أصحاب أحمد، والشّافعيّ، كما في "الهدي" (٣).

فإن قيل: هل الإسكان حقٌّ على الورثة، فتقدَّم الزوجةُ على الغرماء، وعلى الميراث، أم لا حق لها في التركة سوى الميراث؟ فأجاب في "الهدي": بأن هذا الموضع مما اختلف فيه، فقال الإمام أحمد: إن كانت حائلًا، فلا سكنى لها في التركة، ولكن عليها ملازمة المنزل إذا بُذل لها -كما تقدم-، وإن كانت حاملًا، ففيه روايتان، إحداهما: أن الحكم كذلك،


(١) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٢١/ ٣١).
(٢) [ولم يكن عليها فيه ضرر وكان المسكن لها فلو حولها الوارث أو طلبوا منها الأجرة] ساقطة من "ب".
(٣) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٥/ ٦٨٧ - ٦٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>