والثانية: أن لها السكنى حقٌّ ثابت في المال تقدَّم به على الورثة والغرماء، ويكون من رأس المال.
وعن الإمام أحمد رواية ثالثة: أن للمتوفى عنها السكنى بكل حال، حاملًا كانت أو حائلًا، فصار في مذهبه ثلاث روايات: وجوبُها للحامل والحائل، وإسقاطُها في حقّهما، ووجوبُها للحامل دون الحائل، هذا محصل مذهب الإمام أحمد في سكنى المتوفَّى عنها.
وأما مذهب مالك، فإيجاب السكنى لها حاملًا كانت أو حائلًا، وإيجاب السكنى عليها مدة العدة، فهي أحق بالسكنى من الورثة والغرماء إذا كان الملك للميت، أو كان قد أدى كراءه، فإن لم يكن أدى كراءه، ففي "التهذيب": لا سكنى لها في مال الميت، وإن كان معسرًا وللشافعى في سكنى المتوفى عنها قولان:
أحدهما: لها السكنى حاملًا كانت أو حائلًا.
والثاني: لا سكنى لها، حاملًا كانت أو حائلًا، وعنده: يجب عليها ملازمتها للمسكن في العدة، حاملًا كانت أو متوفّى عنها، إلا أن ملازمة البائن للمنزل عنده آكد، فإنه يجوز للمتوفى عنها الخروجُ نهارًا لقضاء حوائجها، ولا يجوز ذلك للبائن في أحد قوليه، وهو القديم، ولا يوجبه، بل يستحبه.
وأما الإمام أحمد، فعنده ملازمةُ المتوفى عنها للمنزل آكدُ من الرجعية.
وأما أصحاب أبي حنيفة، فقالوا: لا يجوز للمطلقة الرجعية ولا للبائن الخروجُ من بيتها ليلًا ولا نهارًا، وأما المتوفى عنها، فتخرج نهارًا وبعضَ الليل، ولكن لا تبيت إلا في منزلها، قالوا: لأن المطلقة نفقتُها في مال زوجها، فلا يجوز لها الخروج كالزوجة، بخلاف المتوفَّى عنها، فإنها