للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمهور أنها تحرم؛ لأنها ربيبة في الجملة (١).

قلت: وهذا بمعزل عن قواعد الإمام أحمد؛ لأنه لا يسوغ له أن ينكح بنت موطوءته بحال على المعتمد، والله الموفق.

قال في "الهدي": فإن قيل: قد حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد اللعان ونفي الولد بأنه إن جاء شبهَ الزوج صاحبِ الفرالش، فهو له، وإن جاء شبهَ الذي رُميت به، فهو له، فما قولكم في مثل هذه الواقعة في الذي لاعنَ امرأته، وانتفى من ولدها، ثم جاء الولد يشبهه، هل تلحقونه [به] (٢) بالشبه عملًا بالقافة؟ أو تحكمون بانقطاع نسبه عملًا بموجب لعانه؟

فأجاب: بأنه محل ضنك، وموضع ضيق، تجاذب أعنته باللعان المقتضي لانقطاع النسب، وانتفاء الولد، وأنه يدعى لأمه، ولا يدعى لأب، والشبه الدال على ثبوت نسبه من الزوج، فإنه ابنه مع شهادة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها إن جاءت به على شبهه، فالولد له، وأنه كذب عليها، فهذا مما لا يتخلص منه إلّا المستبصرُ البصيرُ بأدلةِ الشرع وأسراره، والخبيرُ بجمعه وفرقه، ثم استظهر أنّ حكم اللعان قطع حكم التبعة، وصار معه بمنزلة أقوى الدليلين مع أضعفها، فلا عبرة للشبه بعد مضي حكم اللعان، والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أخبر عن شأن الولد وشبهه، ليبيّن الصادقَ منهما من الكاذب الذي قد استوجبَ اللعنةَ والغضب، لا ليغيرَ بذلك حكمَ اللعان، بدليل أنه إنما قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك بعد الانتفاء من الولد (٣).

قال في "الهدي": وإن لاعنَها وهي حامل، وانتفى من حملها، انتفى


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٤٦٠ - ٤٦١).
(٢) ما بين معكوفين ساقطة من "ب".
(٣) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٥/ ٣٨٠ - ٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>