للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه، ولم يحتج أن يلاعن بعدَ وضعه، كما دلّت على ذلك السنّة الصحيحة الصريحة.

وهذا موضع اختلف فيه الفقهاء، قال أبو حنيفة: لا يلاعن لنفيه حتى تضع، لاحتمال أن يكون ريحًا فينفس، ولا يكون للّعان حينيذٍ معنى، وهذا هو الذي ذكره الخرقي في "مختصره"، فقال: وإن نفى الحمل في التعانه، لم ينتفِ حتى ينفيه عند وضعها له، ويلاعن (١)، وتبعه الأصحاب، وخالفهم الإمام الموفق (٢).

وقال: جمهور أهل العلم: له أن يلاعن في حال الحمل اعتمادًا على قصة هلال بن أميّة، فإنها صحيحة صريحة في اللعان حالَ الحمل، ونفي الولد في تلك الحاله، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن جاءت به على صفة كذا وكذا، فلا أراه إلّا قد صدق" (٣).

وفي "البخاري" في قصة عويمر: "انظروا، فإن جاءت به أَشحمَ، أدعجَ العينين، عظيمَ الأليتين، خَدَلَّجَ الساقين، فما أحسبُ عويمرًا إلّا قد صدق عليها، وإن جاءت به أُحيمر كأنه وَحَرَة، فلا أحسب عويمرًا إلّا قد كذب عليها"، فجاءت به على النعت الذي نعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تصديق عويمر (٤)، وفي رواية: كانت حاملًا، فأنكر حملها (٥).


(١) انظر: "مختصر الخرقي" (ص: ١٠٩).
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ٦٠ - ٦١).
(٣) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٥/ ٣٨٤ - ٣٨٥).
(٤) رواه البخاري (٤٤٦٨)، كتاب: التفسير، باب: قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلا أَنْفُسُهُمْ}، عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -.
(٥) رواه البخاري (٤٤٦٩)، كتاب: التفسير، باب: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}، عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>