للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- (و) لخصلة الثانية من الخصال التي يحلّ بها دم المسلم: (النفسُ) من المؤمن يحلّ ويشرع قتلها (بالنفس)؛ يعني: أن المكلف إذا قتل نفسًا بغير حق عمدًا، فإنه يُقتل بها، وقد دلّ القرآن على ذلك بقوله -تعالى-: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] , وقال الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} [البقرة: ١٧٨] , لكن يُستثنى من عموم قوله -تعالى-: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] صور:

منها: أن يقتل الوالدُ ولدَه، فالجمهور على أنه لا يُقتل به، وصحّ ذلك عن عمر، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوهٍ متعددة، وإن تُكلم في أسانيدها، وقال مالك: إن تعمّد قتله تعمدًا لا شك فيه مثل أن يذبحه، فإنه يُقتل به، وإن حَذفه بسيفٍ أو عصا، لم يُقتل (١)، ومذهب الجمهور: لا يُقتل أحد الأبوين وإن على بالولد وإن سفل، وإن اختلفا دينًا وحريّة، لخبر: لا يُقاد للابن من أبيه، صححه الحاكم والبيهقي (٢).

وعن عمر، وابن عباس - رضي الله عنهم-: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُقتل والدٌ بولدهِ"، أخرج النسائي حديث عمر (٣)، ورواهما ابن ماجه (٤)،


(١) انظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (ص: ١٢٥).
(٢) رواه الحاكم في "المستدرك" (٨١٠٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٣٦)، بلفظ: "لا يقاد ولد من والده"، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٣) لم أقف عليه في "السنن" والله أعلم.
(٤) رواه ابن ماجه (٢٦٦١)، كتاب: الديات، باب: لا يقتل الوالد بولده، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - بلفظ: "لا يقتل بالولد الوالد". ورواه -أيضًا- (٢٦٦٢)، من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بلفظ: "لا يقتل الوالد بالولد".

<<  <  ج: ص:  >  >>