للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكرهما ابن عبد البر، وقال: هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق، مستفيض عندهم، يُستغنى بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد فيه، حتى يكون الإسناد في مثله مع شهرته تكلفا (١)، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنتَ ومالك لأبيك" (٢)، وقضية هذه الإضافة تمليكُه إياه، فإذا لم تثبت حقيقة الملكية، ثبتت الإضافة، وهي شبهة في ردّ القصاص؛ لأنه يُدرأ بالشبهات، ولأنه سببُ إيجاده، فلا ينبغي أن يُسلط بسببه على إعدامه، وهذا يخص العمومات، ويفارقُ الأبَ غيرُه من سائر الناس، فإنهم لو قتلوا بالحذف والسيف، وجب عليهم القصاص، والأبُ بخلافه.

وقال بعدم قتل الأب وإن علا بالابن وإن سفل: ربيعة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، خلافًا لنافع، وابن عبد الحكم، وابن المنذر، وكذا مالك على التفصيل الذي ذكرناه عنه (٣).

وأما الفرع، فيقتل بأصله.

ومنها: أن يقتل الحرُّ عبدًا، فالأكثرون على أنه لا يُقتل به، روي عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وزيد، وابن الزبير - رضي الله عنهم -، وبه قال الحسن، وعطاء، وعمر بن عبد العزيز وعكرمة، وعمرو بن دينار، ومالك والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وروي ذلك -أيضًا- عن الشعبي، وهو المذهب، وعليه علماؤنا.

وقال سعيد بن المسيب، والنخعي، وقتادة، والثوري، وأصحاب الرأي: إنه يُقتل به، لعموم الآيات والأخبار، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمنون


(١) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٢٣/ ٤٣٧).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) انظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>