للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا يحلُّ دمُ امرئ مسلم إلّا بإحدى ثلاثِ خصالٍ: زانٍ محصَن يُرجم، ورجل قتل متعمدًا، فيقتل، ورجل يخرج من الإِسلام يحارب الله ورسوله، فيقتل، أو يصلب، أو ينفى من الأرض" (١)، وهذا يدل على أن المراد: مَنْ جمعَ بين الردّة والمحاربة.

فالجواب: أن أبا داود أخرج من حديث عائشة - رضي الله عنها - بلفظٍ آخر، وهو أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل دم امرئ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، إلا في إحدى ثلاث، رجل زنى بعد إحصان،

فإنه يرجم، ورجلٌ خرج محاربًا لله ورسوله، فإنه يُقتل أو يُصلب أو يُنفى من الأرض، أو يَقتل نفسًا، فيُقتل بها" (٢) وهذا يدل على أن من وُجد منه الحرابُ من المسلمين، خُير الإمامُ فيه مطلقًا، كما يقوله علماء أهل المدينة مالكٌ وغيرُه، وأما الرواية الأولى، فقد تحمل على أن المراد بخروجه عن الإِسلام: خروجه عن أحكامه، وقد تُحمل على ظاهرها، ويستدل بذلك من يقول: إن المحاربة تختص بالمرتدين، فمن ارتد وحارب، فُعل به ما في الآية، ومن حاَرب من غير ردّة، أُقيمت عليه أحكام المسلمين من القصاص والقطع في السرقة، وهذا رواية عن الإِمام أحمد، لكنها غير مشهورة عنه، ولا هي مذهبه، وكذا قالت طائفة من السلف: إن آية المحاربة تختص بالمرتدين، منهم: أبو قلابة وغيره، وعلى كلّ حال، فحديثُ عائشة ألفاظه مختلفة، وقد روي عنها مرفوعًا، وروي عنها موقوفًا، وحديث ابن مسعود لفظه محفوظ لا اختلاف فيه، وهو ثابتٌ متفق على صحته (٣).


(١) رواه النسائي (٤٠٤٨)، كتاب: تحريم الدم، باب: الصلب.
(٢) رواه أبو داود (٤٣٥٣)، كتاب: الحدود، باب: الحكم فيمن ارتد.
(٣) انظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (ص: ١٢٦ - ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>