* الثاني: قد قدّمنا عن الإِمام مالك: أن السبب الموجب للقسامة عنده أن يقول المقتول: دمي عند فلان -مثلًا-، أو يشهد واحد.
قال ابن القاسم: يعتبر في هذا الشاهد أن يكون عدلًا -كما قدّمنا عنه-، وأن يكون ذكرًا، ولم يشترط ذلك أشهبُ، ومن الأسباب الموجبة للقسامة عنده من غير خلاف عنه: أن يوجد المقتول في مكان خالٍ من الناس، وعلى رأسه رجلٌ شاكٍ في السلاح، مختضبٌ بالدم، وكذلك إن شهد شاهدان بالجرح، ثم أكل وشرب وعاش مدة، ثم مات.
وقال أبو حنيفة: القسامة وجودُ القتيل في موضع هو في حفظ قوم أو حمايتهم، كالمحلة والدورِ ومسجدِ المحلة والمقبرة، فكل ذلك موجبٌ للقسامة، ولو كان الدم يخرج من أنفه ودبره وفيه، فليس بقتيل، ولو خرج من أذنه أو عينه، فهو قتيل تسوغ فيه القسامة.
وقال الشافعي: السبب الموجب للقسامة اللوثُ، قال: واللوث عندي: أن يُرى قتيل في محلة أو قرية لقومٍ بينهم عداوة ظاهرة، [ولا يشارك لأهل المحلة والقرية غيرهم، فإن ذلك لوث، فإن عدم أحد الشرطين، لم يكن لوثًا عنده.
ومنه: أن يدخل نفر دارًا، فيتفرقون عن قتيل، سواء كان بينهم عداوة ظاهرة] (١)، أو لم تكن.
ومنه: أن يزدحم الناس في موضع، كالطواف، ودخول الكعبة، أو على مصنع ماء، أو في بابٍ ضيق، فيوجد فيهم قتيل.
ومن ذلك: أن يوجد في صحراء رجلٌ مقتول بالجرح، وبقربه رجلٌ معه