للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلاح، والدمُ على سلاحه، أو ثوبه، وليس إلى جنبه عينٌ أو أثر، ومعنى ذلك: أَلَّا يُرى بقربه سَبُع، [أ] ويُرى أثر الدم في غير الطريق (١).

إذا علمت هذا، فحاصل الشبهة الموجبة للقسامة من حيث الجملة سبع صور:

الأولى: أن يقول المقتول في حياته: دمي عند فلان، وهو قتلني، أو ضربني، ونحو ذلك، هذا موجب القسامة عند مالك والليث، وادّعى مالك أنه مما أجمع عليه الأئمة قديمًا وحديثًا.

قال القاضي: ولم يقل بهذا متفقهاء الأمصار غيرُهما, ولا روي عن غيرهما، وخالفا في ذلك العلماء في الفقه، فلم ير أحد غيرهما في هذا قسامة (٢)، واحتجّ الإِمام مالك لذلك بقصة بني إسرائيل، قوله -تعالى-: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى} [البقرة: ٧٣] قال: فحييَ الرجل، فأخبرَ بقاتله، واحتجّ أصحابه -أيضًا- بأن تلك حالة يطلب فيها غفلة الناس، فلو شرطنا الشهادة، وأبطلنا قول المجروح، أدّى ذلك إلى إبطال الدماء غالبًا، قالوا: ولأنها حالة يتحرى فيها المجروحُ الصدقَ، ويتجنب الكذبَ والمعاصيَ، ويتزوّد البر والتقوى، فوجب قَبولُ قوله.

الثانية: اللوثُ من غير بيّنة على معاينة القتل، وبهذا قال إمامنا، ومالك، والشافعي، والليث، ومنه في قول، وهي معتمد مذهب الشافعية: شهادةُ العدل وحده.

الثالثة: إذا شهد عدلان بالجرح، فعاش بعده أيامًا، ثم مات قبل أن


(١) انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (٢/ ٢١٩ - ٢٢٠).
(٢) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٥/ ٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>