للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أن يقول: عمد هذا, ولا أدري أكان قتل الثاني عمدًا أو خطأً، فقيل: لا تسوغ القسامة ها هنا؛ لأنه يحتمل أن يكون الآخر مخطئًا، فيكون موجبها الديَة عليهما، ويحتمل أن يكون عامدًا، فلا تسوغ القسامة ها هنا، ويجب أن يعين واحدًا، والقسامة عليه، فيكون موجبها القود، فلم تجز القسامة مع هذا، فإن عاد فقال: علمت الآخر كان عامدًا، فله أن يعين واحدًا، ويقسم عليه، وإن كان مخطئًا، ثبتت القسامة حينئذٍ، ويُسأل الآخر، فإن أنكر، ثبتت القسامة، وإن أقرّ، ثبت القتل، ويكون عليه نصف الديَة في ماله؛ لأنه ثبت بإقراره، لا بالقسامة.

وقال القاضي: يكون على عاقلته، والأول أصح؛ لأن العاقلة لا تحمل اعترافًا.

الرابع: أن يقول: قتلاه خطأ، أو شبه عمد، أو: أحدهما خاطئًا، والآخر شبه العمد، فله أن يقسم عليهما، فإن ادّعى أنه قتل وليّه عمدًا، فسئل عن تفسير العمد، ففسره بعمد الخطأ، قُبل تفسيره، وأقسمَ على ما فسره به؛ لأنه أخطأ في وصف القتل بالعمدية.

ونقل المزني عن الشافعي: لا يحلف عليه؛ لأنه بدعوى العمد برأ العاقلة، فلم تسمع دعواه بعد ذلك ما يوجب عليها المال، ولنا: أن دعواه قد تحررت، وإنما غلظ في تسمية شبه العمد عمدًا، وهذا مما يشتبه، فلا يؤاخذ به، ولو أحلفه الحاكم قبل تحرير الدعوى، وتبين نوع القتل، لم يعتد باليمين؛ لأن الدعوى لا تُسمع غيرَ محررة، فكأنه أحلفه قبل الدعوى (١).


(١) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (١٠/ ٣ - ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>