قال شارحه مستدلًا لما قدمه من اعتبار عدم القود للمدعى عليه: يشترط أن يكون واحدًا، فلا تسمع على أكثر من واحد، سواء كانت الدعوى موجبة لموجب العمد، أو للخطأ في إحدى الروايتين؛ لأن في حديث قتل الأنصاري في رواية متفق عليها:"يقسم خمسون منكم على رجلٍ منهم، فيُدفع برُمته"(١)، ولأنها بيّنة ضعيفة خولف بها الأصل في قتل الواحد، فيقتصر عليه، ويبقى ما عداه على الأصل.
قال: والرواية الأخرى إن كانت موجبة للقتل، فكذلك، وإن كانت موجبة للديَة، جاز على جماعة؛ لأن المال أسهل حالًا من النفس، والقسامة بيّنة يثبت بها المال ها هنا، فاستوى فيها الواحد والجماعة في الثبوت، كالشهادة، وهذا بخلاف ما فيه القود، فإن التشديد في قتل النفس أوجبَ أن يجعل القسامة على أكثر من واحد شبهة في إسقاط القود، لثبوته على خلاف الأصل.
وقال في "شرح المقنع" معلِّلًا اشتراطَ كونِ الذي عليه الدعوى واحدًا -بعدَ ذكر الحديث المذكور-: ولأنها -أي: القسامة- بيّنة ضعيفة، خولف بها الأصل في قتل الواحد، فيقتصر عليه، ويبقى على الأصل فيما عداه.
قال: وبيان مخالفة الأصل بها: أنها ثبتت باللوث، وهو شبهة مغلِّبَةٌ على الظن صِدْقَ المدّعي، والقودُ يسقط بالشبهات، فكيف يثبت بها يقول المدّعي ويمينِه مع التهمةِ في حقه، والشكِّ في صدقه، وقيام العداوةِ المانعةِ من صحة الشهادة عليه في إثبات حق لغيره؟ فَلأَنْ يمنع من قبول قوله وحده في إثبات حق له أولى وأحرى، وفارق البيّنة، فإنها قويت