للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعدد، وعدالة الشهود، وانتفاء التهمة في حقهم من الجهتين في كونهم لا يثبتون لأنفسهم حقًا ولا نفعًا، ولا يدفعون عنها ضررًا، ولا عداوة بينهم وبين المشهود عليه، ولهذا تثبت بها سائر الحقوق والحدود التي تنتفي بالشبهات.

قال في "شرح المقنع". وعند غير الخرقي من أصحابنا: أن القسامة تجري فيما لا قودَ فيه، فيجوز أن يُقسموا على جماعة، وهذا قول مالك، والشافعي (١).

الرابع: يبدأ في القسامة بأيمان المُدَّعين، فيحلفون خمسين يمينًا بحضرة الحاكم: أنه قتله، ويثبت حقُّهم عليه (٢)، ويعتبر حضور المدّعى عليه وقتَ اليمين، كالبينة، وحضورُ المدّعي -أيضًا-، فإن كانت الدعوى على أهل مدينة أو محلة، أو واحد غير معين، أو جماعة منهم بغير أعيانهم، لم تُسمع، وبهذا قال الشافعي.

وقال أصحاب الرأي: تُسمع، ويُستحلف خمسون منهم؛ لأن الأنصار ادّعوا القتل على يهود خيبر، ولم يعينوا القاتل، فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعواهم. ولنا: أنها دعوى في حق، فلم تُسمع على غير معين كسائر الدعاوى، فأما الخبر، فدعوى الأنصار التي سمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تكن الدعوى التي بين الخصمين المختلف فيها، فإن تلك من شرطها حضورُ المدّعى عليه عندهم، أو تعذر حضوره عندنا، وقد قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تُسمون قاتلَكم، ثم تحلفون عليه" الحديث، رواه الإِمام أحمد (٣)، وفي


(١) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (١٠/ ٢٦ - ٢٧).
(٢) انظر: "الإقناع" للحجاوي (٤/ ٢٠٢).
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>