للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الجمهور: يوجبه، وخالفهم أبو حنيفة، فأوجب عليه دية مغلظة، والحديث حجة عليه.

وأجاب العيني عن ذلك بأنه إنما أمر -عليه السلام- بقتل اليهودي؛ لأنه كان ساعيًا في الأرض بالفساد، فقُتل سياسة، فأورد عليه بأنه لو قتل لسعيه في الأرض بالفساد، لما قتل مماثلة برض رأسه بين الحجرين، وكان يجب أن يكون بالسيف في العنق، وأجاب: بأنه إنما قتل كذلك؛ لأنه كان قبل تحريم المثلة، فلما حرمت، نسخت، فكان القتل بعد ذلك بالسيف (١). ولا يخفى أنها دعوى بلا برهان.

ثم إن لنا عليه هذه الرواية التي في مسلم، والنسائي من حديث أنس حيث قال: فأقاده بها، فهذا خبر صحيح، وهذا بمدعانا صريح، والله أعلم.

ومن أوجب كونَ القود بالسيف، أجاب عن الحديث المذكور أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى أن ذلك القاتل يجب قتله لله -تعالى- وللقود إذا كان إنما قتل على مال، كما يجب دم قاطع الطريق لله -تعالى-، فكان له أن يقتله كيف شاء بسيف أو بغيره، وقد ذكرنا أنه روي أنه أمر به -عليه السلام- أن يرجم حتى يموت، فرجم حتى مات، فدلّ أن قتل القاتل لا يتعين فيه التماثل (٢).

والذي أجاب به علماؤنا: أن ذلك كان حين كانت المثلة مباحة كما فعل -عليه السلام- بالعرنيين (٣)، ثم نسخت بعد ذلك، ونهى عنها -عليه السلام-.


(١) المرجع السابق، (١٢/ ٢٥٤ - ٢٥٥).
(٢) المرجع السابق، (١٢/ ٢٥٤).
(٣) سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>