للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٧٨] فيما كتب على من كان قبلكم. رواه البخاري، والنسائي، والدارقطني (١).

والحاصل: أن القتل ثلاثة أنواع:

أحدها: العمد المحض، وهو أن يقصد من يعلمه معصومًا بما يقتل غالبًا، سواء كان يقتل بحده، كالسيف ونحوه، أو بثقله، كالسندان والحجر الكبير، أو بغير ذلك، كالتحريق، والتغريق، والإلقاء من مكان شاهق، والخنق، وإمساك الخصيتين حتى تخرج الروح، وسقيِ السموم، ونحو ذلك من الأفعال، فهذا إذا فعله، وجب فيه القَوَد، وهو أن يمكن أولياء المقتول من القاتل، فإن أحبوا، قتلوا، وإن أحبوا، عفوا، وإن أحبوا، أخذوا الدية، وليس لهم أن يقتلوا غير قاتله، قال الله -تعالى-: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (٣٣)} [الإسراء: ٣٣]، قيل في التفسير: لا يقتل غير قاتله (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في [كتابه] (٣) "السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية": من قتل بعد العفو، أو بعد أخذ الدية، فهو أعظم جرمًا ممن قتل ابتداء، حتى قال بعض العلماء: إنه يجب قتلُه حدًا، ولا يكون أمره لأولياء المقتول.


(١) رواه البخاري (٤٢٢٨)، كتاب: التفسير، باب: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}، والنسائي (٤٧٨١)، كتاب: القسامة، باب: تأويل قوله عز وجل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ}، والدارقطني في "سننه" (٣/ ٨٦).
(٢) انظر: "السياسة الشرعية" لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص: ١٢٢).
(٣) ما بين معكوفين ساقطة من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>