للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما على الحرائر إذا زنين. ثم ثبت أن لا نفي على الأمة إذا زنت، كذلك -أيضًا- لا نفيَ على الحرة إذا زنت.

وقال الطحاوي من الحنفية: وقد روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه نهى أن تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع مَحْرَم (١)، قال: وفي ذلك إبطال النفي عن النساء في الزنا، وانتفاء ذلك عن الرجال -أيضًا-؛ لأنه في درئه إياه عن الحرائر دليلٌ على درئه عن الأحرار، هذا كلامه (٢).

وعلل غيره منهم ذلك بأن تغريبها بغير محرم إغراءٌ لها بالفجور، وتضييع لها، وإن غربت بمحرم، أفضى إلى تغريب مَنْ ليس بزانٍ، ونفي مَنْ لا ذنب له، وإن كلفت أجرته، ففي ذلك زيادة على عقوبتها بما لم يرد الشرع به، كما لو زاد ذلك على الرجل.

وقال أبو حنيفة، ومحمد: لا تغريب على رجل، ولا على امرأة؛ لأن عليًا - رضي الله عنه - قال: حَسْبُهما من الفتنة أن يُنفيا (٣).

ولنا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "البكر بالبكر جلدُ مئة وتغريب عام"، وروى أبو هريرة، وزيدُ بنُ خالد هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على العسيف بالتغريب عامًا، وفيه: فقال أبو العسيف: سألت رجالًا من أهل العلم، فقالوا: إنما على ابنك جلدُ مئة وتغريب عام، وهذا يدل على أن هذا كان مشهورًا عندهم من حكم الله وقضاء رسوله، وقد قيل: إن الذي قال له هذا أبو بكر، وعمر -رضي الله عنهما-، ولأن التغريب فعلَه الخلفاء


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٣/ ١٣٦).
(٣) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٣٣١٣). وانظر: "عمدة القاري" للعيني (١٣/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>