للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الخطابي: ومعنى "لا تثريب عليها": لا يقتصر على التثريب، وهو التعيير والتوبيخ بالذنب (١).

(ثم إن زنت) ثانيًا، (فاجلدوها) جلدًا ثانيًا، (ثم إن زنت) ثالثًا (فاجلدوها) -أيضًا- جلدًا ثالثًا.

قال العلماء: إن كان الزاني رقيقًا من ذكر أو أنثى، فحدُّه خمسون جلدةً، بكل حال، سواء كانا بكرين، أو ثيبين، في قول أكثر أهل العلم، منهم: عمر، وعلي، وابن مسعود -رضي الله عنهم-، والحسن البصري، والنخعي، ومالك، والأوزاعي، وأبو حنيفة، وأحمد، والشافعي، والعنبري، وغيرهم.

وقال ابن عباس، وأبو عبيد: إن كانا مزوجين، عليهما نصفُ الحد، ولا حد على غيرهما؛ لقوله -تعالى-: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥]، فيدل بخطابه على أنه لا حدَّ على غير المحصَنات من الإماء (٢).

وفي "الهدي": قد يقال: إن تنصيصه على التنصيف بعدَ الإحصان لئلا يتوهم متوهم أن الإحصان يزيل التنصيف، ويصير حدها حدَّ الحرة، كما أن الجلد عن البكر زالَ بالإحصان، وانتقل إلى الرجم، فتبقى على التنصيف في أكمل حالتيها، وهي الإحصان؛ تنبيهًا على أنه إذا اكتفى به فيها، ففيما قبل الإحصان أولى وأحرى (٣).


(١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٣/ ٣٣٤).
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٤٩).
(٣) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٥/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>