للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحد ثبت بالبينة، فلا يسقط بفعل من جهتها؛ بخلاف الثابت بالإقرار؛ فإنها تترك على حال لو أرادت الهربَ، تمكنت منه؛ لأن رجوعها عن إقرارها مقبول.

ولنا -على معتمد المذهب-: أن أكثر الأحاديث على ترك الحفر؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحفر للجهنية، ولا لليهوديين، ففي "مسند الإمام أحمد"، و"صحيح مسلم" من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -، قال: لما أمرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن نرجم ماعز بن مالك، خرجنا به إلى البقيع، فوالله! ما حفرنا له، ولا أوثقناه، ولكن قام لنا، فرميناه بالعظام والخزف، فاشتكى، فخرج يشتدُّ حتى انتصب لنا في عرض الحرة، فرميناه بجلاميد الجندل حتى سكت (١).

وأما ما احتجوا به من قصة الغامدية، وهو ما رواه الإمام أحمد، ومسلم عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه - رضي الله عنه -، قال: جاءت الغامدية، فقالت: يا رسول الله! إني قد زنيتُ، فطهرني، وإنه ردها، فلما كان الغد، قالت: يا رسول الله! لمَ تُرَدِّدني؟ لعلك ترددني كما رَدَّدْت ماعزًا، فوالله! إني لحبلى، الحديث، وفيه: فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فأقبل خالد بن الوليد - رضي الله عنه -، فرمى رأسها، فنضح الدم على وجه خالد، فسبها، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - سبه إياها، فقال: "مهلًا يا خالد، فوالذي نفسي بيده! لقد تابت توبة لو تابها صاحبُ مكس، لغفر له"، ثم أمر بها، فصلَّى عليها، ودُفنت (٢)، فمتروك العمل به؛ فإنهم


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٦١). وتقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٦٩٤).
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٣٤٨). وتقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٦٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>