للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: وقال شيخنا؛ يعني: شيخ الإسلام ابن تيمية -طيب الله ثراه-: من قال: تكفّر الغموس، قال: تكفّر الغموسُ في نحو طلاق وعتاق، وكذا كاذبٌ في لعانه.

وأما من قال: لا كفارة في اليمين الغموس، وأن اليمين بالنذر والكفر وغيرهما يكفر، فلهم في اليمين الغموس بذلك قولان:

أحدهما: يلزمه ما التزمه من نذر وكفر وغيرهما، قاله بعض الحنفية وبعض الحنبلية، وقاله محمد بن مقاتل -يعني: الحنفي- في الحلف بالكفر، وقاله جدنا أبو البركات في الحلف بالنذر ونحوه، وهؤلاء يحتجون بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف بملة غيرِ الإسلام كاذبًا، فهو كما قال" (١) -كما يأتي في الحديث الآتي-.

وقول الأكثرين: إنه لا يلزمه ما التزمه في اليمين الغموس إلا إذا كان يلزمه ما التزمه في اليمين المستقبل؛ لأنه في جميع صور الأيمان لم يقصد أن يصير كافرًا ولا ناذرًا ولا مطلِّقًا ولا معتِقًا، وإنما قصدُه في الماضي التصديق أو التكذيب، وأكده باليمين؛ كما يقصد الحض والمنع في الأمر أو النهي، وأكده باليمين، ولهذا لم يَكْفُر الغموس إجماعًا؛ لأنه لم يقصد نفي حرمة الإيمان بالله، لكن فعل كبيرة مع اعتقاد أنها كبيرة (٢).

والحاصل: أن معتمد المذهب: عدمُ وجوب الكفارة في اليمين على أمر ماض؛ لأنه إذا كان كاذبًا يعلم ذلك، فهي الغموس، وإن كان يظن


(١) رواه البخاري (١٢٩٧)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قاتل النفس، ومسلم (١١٠)، كتاب: الإيمان، باب: غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، من حديث ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٦/ ٣٠٦ - ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>