مما نص عليه في كتابه، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمُ بما أراد الله، وقد أمرنا الله تعالى أن نأخذ ما آتانا.
قال الإمام ابن القيم في كتابه "الطرق الحكمية": وليس في القرآن ما يقتضي أنه لا يُحكم إلا بشاهدين، أو شاهد وامرأتين؛ فإن الله تعالى إنما أمر بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا النصاب، ولم يأمر بذلك الحكامَ أن يحكموا به، فضلًا عن أن يكون قد أمرهم أَلَّا يقضوا إلا بذلك، ولهذا يحكم الحاكم بالنكول واليمين المردودة عند من يرى ذلك، والمرأة الواحدة، والنساء المنفردات لا رجلَ معهن، وبمعاقد القمط، ووجوه الأُجر عند الحنفية، ومن يرى ذلك، وغير ذلك من طرق الحكم التي لم تذكر في القرآن، فإن كان الحكم بالشاهد واليمين مخالفًا لكتاب الله، فهذا أشد مخالفة لكتاب الله تعالى منه، وإن لم تكن هذه الأشياء مخالفة للقرآن، فالحكمُ بالشاهد واليمين أولى ألا يكون مخالفًا للقرآن، وطرقُ الحكم شيء، وطرقُ حفظ الحقوق شيء، وليس بينها تلازم، فتُحفظ الحقوق بما لا يحكم به الحاكم مما يعلم صاحب الحق أنه يحفظ به، ويحكم الحاكم بما لا يحفظ به صاحب الحق حقه، ولا خطر على باله؛ من نكولٍ، وردّ يمين، وغيرِ ذلك، والقضاءُ بالشاهد واليمين مما أراه الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه سبحانه قال:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}[النساء: ١٠٥]، وقد حكم بالشاهد واليمين، فهو مما أراه الله إيّاه قطعًا.
ومن العجب ردّ الشاهد واليمين والحكم بمجرد النكول الذي هو سكوت، ولا ينسب إلى ساكت قول، والحكم لِمُدّعي الحائط إذا كانت إليه الدواخل والخوارج، وهو الصحاح من الآجر، أو إليه معاقد القمط في