للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخص، كما يقوله أبو يوسف، فأين هذا من الشاهد الواحد العدل المبرز في العدالة الذي يكاد يحصل العلم بشهادته إذا انضاف إليها يمين المدعي (١)؟

قال في "الطرق الحكمية": ومعلوم أن الشاهد العدل واليمين أقوى في الدلالة والبينة من ثلاثة جذوع على الحائط الذي ادعاه، فإذا أقام جاره شاهدًا، وحلف معه، كان ذلك أقوى من شهادة الجذوع، وقد نسب إلى البخاري إنكار الحكم بشاهد ويمين؛ لقوله في باب: يمين المدعى عليه، من كتاب: الشهادات من "صحيحه": قال لي قتيبة: حدثنا سفيان، عن ابن شبرمة، قال: كلمني أبو الزناد في شهادة الشاهد ويمين المدعي، فقلت: قال الله تعالى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢] ما كان يصنع بهذه الأخرى (٢)، فترجمة الباب بأن اليمين من جهة المدعى عليه، وذكر هذه المناظرة وعدم رواية حديث أو أثر في الشاهد، واليمين ظاهر في أنه لا يذهب إليه، وهذا ليس بصريح في أنه مذهبه. ولو صرَّح به، فالحجة فيما رواه، لا فيما رَآهُ، وذكر أبو بكر في "الشافي" من رواية حنبل: سمعت أبا عبد الله؛ يعني: الإمام أحمد - رضي الله عنه - يقول في الشاهد واليمين: جاز الحكم به، فقيل لأبي عبد الله: أي شيء معنى اليمين؟ قال: قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بشاهد ويمين؛ قال: وهم لعلهم يقضون في مواضع بغير شهادة شاهد في مثل رجل اكترى من


(١) انظر: "الطرق الحكمية" لابن القيم (ص: ١٩٤ - ١٩٩).
(٢) انظر: "صحيح البخاري" (٢/ ٩٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>